الثلاثاء، 12 يناير 2010

دور الهيئات المحلية الفلسطينية في تعزيز المشاركة وإحداث التنمية السياسية

الملخص

يتركز النقاش في الأدبيات العالمية فيما يتعلق بهيئات الحكم المحلي على العلاقة بين هذه الهيئات والحكومة المركزية ودور الهيئات المحلية في تعزيز المشاركة والتنمية بكافة أوجهها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعلى دورها في عملية البناء الديمقراطي والتمثيل السياسي والمشاركة. وترتكز هذه العلاقة بين جمهور المواطنين والهيئات المحلية والحكومة المركزية على أساس الانتخابات ووظائف ودور الهيئات المحلية وعلاقة ذلك بالحكومة المركزية. ومن هنا تصبح المركزية أو اللامركزية مرتبطة بالبعد أو القرب من الهيئات المحلية والدولة، أو الحكومات المحلية والحكومة المركزية.

إذا كانت سيطرة الدولة ترمي إلى عقلنة ندرة المصادر والامكانيات وعدم تسييس الجماهير، فإن لامركزية القرار يجب أن تعنى تفصيل الدور السياسي وشحذ الامكانات في بقع الجغرافيا المختلفة في المناطق البعيدة عن السلطة المركزية. وكما يبدو فإن هناك موضة عالمية تنحو نحو خلق أطر لا مركزية وخاصة في الهيئات المحلية لغرض خلق قيادات سياسية في المناطق المختلفة تتسلم زمام الأمور من الحكومة المركزية. هذه الأطر تشمل التشريع وحكم القانون وبناء القدرات وحل التنزاعات وغيرها.

وفي فلسطين تعتبر الهيئات المحلية ركناً أساسياً في بناء الدولة الفلسطينية المستقلة. وحيث أن الشعب الفلسطيني يعيش الآن مرحلة تجسيد إعلان الاستقلال، فإن الاهتمام بهيئات الحكم المحلي وخلق هيئات فاعلة خلاقة ونشيطة في الأراضي الفلسطينية اعتماداً على مبدأ اللامركزية في الإدارة والعمل، هو من الأولويات، وذو أهمية كبرى للسلطة الفلسطينية خصوصاً وأن هيئات الحكم المحلي كانت حتى إنشاء السلطة الوطنية تقع تحت إشراف جهات غير فلسطينية، الأمر الذي أدى إلى أن تكون هذه الهيئات بمثابة مراكز تابعة للسلطة المركزية الأجنبية وتقوم بخدمة مصالحها في المقام الأول، وليس خدمة المواطنين الفلسطينيين.

لقد خضعت فلسطين لفترة طويلة للحكم التركي (1516-1917)، ثم للانتداب البريطاني (1917-1948)، وقسمت قسراً بعد عام 1948 لتكون الضفة الغربية تحت الحكم الأردني وقطاع غزة تحت حكم الإدارة المصرية، واقيمت دولة إسرائيل نتيجة اغتصاب الجزء الأكبر من فلسطين. وبعد الاحتلال الإسرائيلي للبقية المتبقية من فلسطين في حزيران عام 1967، خضعت الضفة الغربية وقطاع غزة للسيطرة الإسرائيلية.

لقد عملت السلطات الأجنبية المتعاقبة على حكم فلسطين على جعل هيئات الحكم المحلي تقوم بالعمل على خدمة وتحقيق أهدافها وأغراضها، وليس لخدمة المواطنين، لهذا كان هدف هذه السلطات المركزية المتعاقبة على فلسطين فيما يخص الهيئات المحلية هو إلحاقها وعدم تطورها حتى لا تكون مؤسسات رسمية مستقلة في أهدافها ونشاطاتها، ونطاق تمثيلها للسكان عن السلطة المركزية، بل أصبحت تابعة لها تساعدها في بسط سيطرتها على البلاد والسكان.

ونجد هذا واضحاً من خلال سن القوانين المتتالية وتعديلها لتتلائم مع مصالح وأهداف وأغراض السلطة المركزية الأجنبية حيث كانت تعمل للحد من إمكانية وقدرة الهيئات المحلية على التطور. ولهذا لم تتطور مؤسسات وهيئات الحكم المحلي في فلسطين وإنما كان الهدف الاساسي من إقامة هذه المؤسسات هو بسط سيطرة السلطة المركزية الأجنبية ومساعدتها في جمع الضرائب.

وفي العام 1994، ومع إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية، كان عليها أن تقوم بالاهتمام بهيئات ومؤسسات الحكم المحلي ورفع الظلم عنها الذي دام خلال سنوات الاحتلال والهيمنة الطويلة. وحتى تكون قادرة على القيام بدورها في بناء الدولة. فقامت السلطة الفلسطينية في عام 1994 بتأسيس وزارة الحكم المحلي والتي تعني بالهيئات المحلية وتعمل على تطويرها إدراياً وتنظيماً ومالية من خلال العمل على ترسيخ الأسس الديمقراطية واللامركزية واعطائها المزيد من الاختصاصات والصلاحيات كذلك تم إقرار والمصادقة على قانون الهيئات المحليةوقانون الانتخابات لمجالسها، وقد حاولت السلطة الفلسطينية إحداث تغيير ونقلة نوعية في مفهوم وفلسفة وشكل النظم المحلية. فقد تم الاستعاضة عما كان يعرف بنظام الإدارة المحلية إلى ما يعرف بالوقت الحاضر بنظام هيئات الحكم المحلي والذي من المفترض أن تتوفر فيه السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية. وقد واجهت السلطة الفلسطينية تحديات كبيرة لاعادة بناء ما تم تدميره عبر سنوات الاحتلال الطويلة، حالت دون تمكنها من انجاز الكثير على صعيد الحكم المحلي خاصة جراء عدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية التي فرضتها سلطات الاحتلال والتي توجت بسياسة الحصار والاغلاقات وتدمير البنى التحتية للمجتمع الفلسطيني. وقد جاءت الانتفاضة الفلسطينية (انتفاضة الأقصى) لتزيد من مجمل التحديات التي واجهت السلطة الفلسطينية وتضعها على المحك في ضرورة انجاز اصلاحات جذرية في مؤسسات الحكم الفلسطينية وضرورة ترسيخ مبدأ المشاركة والديمقراطية من أجل بناء حكم صالح مبني على الديمقراطية وسياسة المشاركة في الهموم والطموحات.

وقد خلصت الدراسة إلى مجموعة من التوصيات والتي لا بد من انجازها وتحقيقها تتضمن:

1. ضرورة التركيز على الإنسان كمحور للجهود المبذولة والنظرة التكاملية للعلاقة بين التنمية والصمود الاجتماعي والاقتصادي، سواء كان تحت الاحتلال أو في ظل أجواء المقاومة، أم من خلال مرحلة البناء أو في ظل الدولة المستقلة.

2. مراجعة جريئة ومسؤولة لأداء المؤسسات، حيث أظهرت الانتفاضة الأخيرة ضعف قدرة المؤسسات الفلسطينية القائمة على مواجهة الضغوط والحصار الخانق الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.

3. أهمية الاصلاحات الإدارية وتحقيق مشاركة فعالة من خلال ذلك خاصة في ضوء التوصيات التي أوصت بها العديد من المؤسسات المحلية والدولية.

4. بناء الثقة بين المواطن والسلطة المركزية، خاصة في ظل تعطيل الانتخابات التي دامت أكثر من تسع سنوات اعتمدت خلالها السلطة على سياسة التعيينات وهي التي أدت إلى ترهل العديد من هذه الهيئات وأخرجتها عن الدور المناط بها.

5. فشل المركزية المبالغ فيها والتي اعتمدتها السلطة الفلسطينية ولم تكن في صالحها وللخروج من هذا المأزق يجب اتباع سياسة تسمح بمعالجة المشاكل التي يملك الفلسطينيون جزءاً من القدرة على التحكم بها وذلك بتفعيل الإدارة المجتمعية وتجنيدها لمقاومة ما يقف أمام تحقيق المشروع الوطني.

6. الحكم المحلي والمشاركة المجتمعية والتي لا بد من اعطاء مضامين حقيقية لمفاهيمها وذلك بتعزيز أدوات الهيئات المحلية والمنظمات الأهلية وافساح المجال أمام القيادات الشابة في صناعة السياسات ودمجهم في سياسات التنمية وفي تنفيذها وفي المساءلة.

7. تبني إطار ديمقراطي منظم بتشريعات للحكم، يفوض الصلاحيات ويتيح الفرص أمام الهيئات المحلية للعمل كحكومات محلية وتدريب قادتها للعمل على قيادة مؤسسات إدارية لديها القدرة على البناء واتخاذ القراءات المسؤولة.

النص الكامل

http://www.najah.edu/modules/graduates/graduates.php?hint=2&id=409&l=ar

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق